الجلسة الاخيرة، الساعة الرابعة عصرا تحديات العصر وواجب النخب الفكرية ودعاة العدالة والسلام

الجلسة الاخيرة، الساعة الرابعة عصرا

تحديات العصر وواجب النخب الفكرية ودعاة العدالة والسلام

الشيخ محسن الاراكي

ثلاث نقاط|:

اولا: التحديات التي تواجهه المجتمعات خصوصا المسلمين

الارهاب العسكري والاقتصادي والسياسي والفكري الذي يفرضه الاستكبار العالمي على العالم، بدءا من امريكا الجنوبية الى افريقيا وآسيا. العالم يعاني من فرض هيمنة استكبارية تسعى لفرض قرارها على المجتمع البشري كله. فلا يحق لاحد ان يتخذ قرارا لنفسه، حتى المؤسسات العالمية التي وضعت للدفاع عن حقوق الانسان واقرت لتدافع عن العدالة والسلام اصبحت آلة بيد هذا الاستكبار الذي يستخدم العسكر والمال والفكر والاعلام من اجل فرض هيمنته. كل من يتجاوز الخطوط التي رسمها الاستكبار يعاقب في خبزه وارضه ووطنه

التحدي الثاني: هذا الهجوم على قيم الشعوب وهوياتها. هناك اليوم هجوم يستهدف اذابة هويات الشعوب وخصائصها في ثقافتها وعاداتها وعقائدها كانما لا يجوز ان تكون لها هوية يسعى الاستكبار لفرضها. هذا الهجوم يصحبه تشويه اعلامي لهويات الشعوب وثقافاتها. حتى اصبحت المفاهيم مقلوبة، فاصبح الخير شرا والشر خيرا. في هذا الهجوم على مقدسات الاديان جمعاء، هجوم على الانبياء، على التوحيد وهذه المقدسات هي التي تحمي القيم: فكيف يمكن للقيم ان تبقى وتحيا؟  لو ان الله هتكت قدسيته ولو ان محمدا وعيسى وموسى وسائر انبياء هتكت قدسياتهم، فما الذي يبقى\؟

\التحدي الثالث: اختراق الاعلام الفاسد وتفكيكه المجتمعات وتمزيقها تمزيقا واثارة الخلافات في ما بينها على اسس الدين والعرق والجغرافيا. فلماذا هذا الاصرار على ايجاد الشرخ بين الكوريتين؟ لماذا تسعى امريكا لخلق الازمات في العالم الاسلامي. ما حدث في افغانستان والعراق وسوريا وليبيا يؤكد وجود يد تحرك خيوط الخلاف في هذه المجتمعات وتحويلها الى مجموعات متناحرة ومتعادية

التحدي الرابع|: استهداف الاسرة وتفكيكها. هناك تخطيط ممنهج لخلق جيل يعصي الآباء مع ان الآباء والامهات هم الذين يحمون الاسرة ومصالحها. ثقافة اليوم تقوم على اساس تحدي الابوين واثارة الاطفال والجيل الجديد على الابوين.

التحدي الآخر الذي نشأ عن تفكيك الاسر، نشوء جيل متمرد. منظمات الارهاب ليست ضد المسلمين بل ضد البشرية كلها. من الذي ينفذ عمليات الارهاب\؟ جلهم من الطبقة الشابة التي تمردت وتحمل روح العصيان ليس على امة او شعب او مجموعة، وتعتبر قتل الآخر فضيلة تفتخر بها.

التحدي الخامس: سباق التسلح الرهيب ونشر اسلحة الدمار الشامل. الآن بدأ السباق محموما وكل قوة من هذه القوى الكبرى تفتخر على اخراها انها استطاعت توسيع قدرتها النووية وقدراتها على الابادة

التحدي السادس: انشاء طابور خامس في مجتمعاتنا يعمل لصالح اعداء ذلك المجتمع. قال تعالى: يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة لا     . نحن اليوم نفتح اجواءنا لاختراق الطابور الخامس لمراكز القرار في اعظم بلداننا. من الذي يتخذ القرار||؟ بعض القرارات التي تتخذ في البلدان التي يفترض ان تقود العالم الاسلامي تصب لصالح عدو المسلمين ضد المسلمين. هل هناك  عدو اعدى من اسرائيل للعالم الاسلامي؟ وهل هناك اعدى من امريكا؟ مئات المليارات تصب مجانا، مرتين: مرة حين يشترى السلاح، واخرى عندما يتسخدم السلاح لقتل ابناء المسلمين.

هذه اهم تحدياتنا التي نواجهها في عالمنا اليوم. لا بد لمن يعي ويملك الضمير الذي خلقه الله لهذا الانسان، ان يتبنه لهذه التحديات.

النقطة  الثانية: هنالك ارهاصات تشير الى ان هذا النظام العالمي بدأ يتمزق برغم شراسته، هناك مؤشرات ان هذه الهيمنة بدأت تتلاشى

اولا: بدء التحالف الاوروبي – الاوربي بالانهيار، بريطانيا تنسحب من اوروبا، والنزاع يشتد داخل اوروبا

ثانيا: تمزق التحالف الامريكي – الاوروبي. وما نجده من خلاف بين فرنسا وامريكا وازاء بعض القرارات الامريكية والخطوات غير المعقولة التي يتخذها الرئيس الامريكي الجديد كلها تشير لبدء انهيار جديد لهذا التحالف.

ثالثا\: بدء انهيار في الداخل الامريكي. له مؤشرات عديدة من بينها تهديد الرئيس بالعزل.

رابعا: انهيار التحالف العربي الخليجي، نحن يحزننا ذلك. اساس هذا الاتحاد لمواجهة الجمهورية الاسلامية وليس اسرائيل او الولايات المتحدة. حتى قوى الاعتداء على اليمن بدأت يبتعد بعضهاعن بعض. اليمن الذي يشكل جبهة مظلومة كجبهة فلسطين، فلسطين هي الجبهة التي نقاتل من اجل حمايتها وابنائها. الظلم الذي يحل على ابناء اليمن ليس اقل مما يحدث لفلسطين. لكن ثبات اليمن وتداعي التحالف المعتدي، مؤشر على انهيار التحالف العالمي. كذلك الانهيار في الجبهة المعتدية على سوريا والعراق

النقاط الايجابية

هذه المؤشرات الايجابية تزيدنا املا بان المجتمعات المظلومة بدأت تهب لتحرير نفسها

اولا: بدايات ما نجده من وعي الشعوب. هذا الوعي متميز. عشنا عقودا من الزمن وكان الاستعمار يوفق لغسل ادمغة شعوبنا ومفكرينا حتى كاد المفكر منا يفكر كما يريد العدو. اليوم انبثقت شريحة كبرى من نخب الشعوب تفكر كما ينبغي ان تفكر وكما يفرض عليها المنطق

ثانيا: انهيار حاجز الخوف لدى الشعوب. كانت تخشى من تحدي هيمنة القوى الكبرى، لكن نجد شعوبا اسلامية تهب. وليس الانتفاضة الفلسطينية الا تاكيد لذلك. كل المحاولات التي اراد الاستكبار ان تبتلع من خلالها الانتفاضة والثورة الفلسطنية باءت بالفشل. وهناك ثورة فلسطينية مستمرة، يقودها اولئك الشباب الذين لا يملكون حتى السلاح الذي يدافعون به عن انفسهم، بمدية او حجر. هؤلاء الابطال هم قادة الانتفاضة الفلسطينية. وثورة يقودها الحفاة العراة والمستضعفون لا يمكن ان تفشل ابدا. فلا ينتهي امدها الا بالانتصار

ثالثا: تكون قوة اقليمية كبرى لمحور المقاومة. وهو يصنع العالم من جديد. قوة المقاومة الاسلامية كما صرح به السيد حسن نصر الله: لو نشبت بيننا وبين اسرائيل فلسنا وحدنا الذين نقاتل بها بل مئات الالوف. شباب اصحاب ارادة وعزم قوي ومعرفة بشؤون الحرب مع تجربة حربية قاسية. هؤلاء الشباب يمكنهم ان يصنعوا تاريخ المنطقة من جديد.

رابعا: ظهور تجربة ناجحة للتجربة الاسلامية. هناك الكثيرون ممن يعتقد ان الاسلاميين لا يستطيعون ان يحكموا. الدستور الايراني يجمع بين الاسلامية والجماهيرية، وبين الحداثة والاصالة، استطاع ان يحكم البلد قرابة 40 عاما برغم العداء الذي دبر لهذا النظام الذي اصبح مهابا. هذه القوة الاقليمية تعتبر سندا لحركات التحرير

خامسا: فشل الاستكبار العالمي في اخماد حركات المقاومة التي حققت انتصارات كبرى على العدو

سادسا: انتصار حركة المقاومة. اول انتصار حققته المقاومة كان في جنوب لبنان وغزة، وهو انتصار ضد قوى الاستكبار

سابعا: تجدد الانتفاضة الفلسطينية المباركة واستمرارها وقدرتها على هزيمة العدو في جبهات المواجهة|.

ما هي واجبات النخب وعناصر الاصلاح

اولا: دعم المقاومة الاسلامية وهو فرض على المسلمين عقلي وشرعي. فالمقاومة دفاع عن الارض والعرض والهوية والدين والنفس والضرورات التي اعتبرها الامام الغزالي من الضرورات الكبرى. يجب ان ترعى وتحمى وتدعم.

ثانيا: دعم الحق الفلسطيني، اعلاميا، فكريا، سياسيا. هناك اعلام مشوه ومخرب يسعى ليغطي الحق الفلسطيني ويسحقه. والواجب يقتضي دعم هذا الحق وترويجه

ثالثا: تعرية الاستكبار وسياساته الظالمة. ان نعرف شعوبنا واجيالنا الشابة بحقيقة هذا الاستعمار، الدجال الذي اخبرنا به رسول الله، كل العلامات المذكورة في كتب الحديث تنطبق على الولايات المتحدة واياديها.

رابعا: تعرية الحكام المحليين الذين يعملون لصالح العدو في ظل سياسات الا ستكبار وارادته ولا يقولون الا ما يقول ولا يفعلون الا ما يشاء.

خامسا: السعي الحثيث لتشكيل محاور لتنسيق العمل لمواجهة العدوان على الامة. نحن بحاجة على نجمع على مواجهة العدو وان نكون صفا واحدا. علينا تنسيق الجهود وايجاد صف واحد ضد عدونا، وكلما استطعنا ان نخمد نارا فعلينا ان نفعل ذلك، وكل ما يهدد صفوفنا بالانشقاق ” ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص”. وكل مجموعة تستطيع التعاون مع غيرها فلتفعل. نحن ندعو الشعوب والطاقات ان تتحد في ما بينها. نحن نهدف لان تتحد شعوبنا وتتحد طاقاتنا. لو ان السعودية حملت راية الوحدة الاسلامية لسرنا معها.

البيان الختامي للمؤتمر العاشر لمنتدى  الاسلامية

21-23 يوليو 2017 – لندن

على مدى يومين (22 -23 يوليو 2017) عقد منتدى الوحدة الاسلامية في بريطانيا مؤتمره العاشر تحت شعار “الاسلام وحملات التشويه” لمناقشة ما يتعرض له دين الله من محاولات دؤوبة للتشويش على رسالته السمحة وانسانيته المتميزة. وقد عقدت جلسته الافتتاحية مساء الجمعة 21 يوليو التي تداول على منبرها العديد من المشاركين لتشجيع مبادرات العمل المشترك بين المسلمين كأمة واحدة اختارها الله لتبليغ رسالته للبشرية كافة، والتأكيد على ضرورة التصدي للظواهر السلبية التي ألصقت بالدين من بعض ابنائه والكثير من اعدائه. وشارك العديد من العلماء والمفكرين من بلدان عديدة في النقاش الثري الهادف لطرح تصورات حول ما يمكن عمله للحفاظ على قداسة الدين في النفوس وازالة الحواجز التي تحول دون استفادة الناس كافة من توجيهات السماء. تطرقت محاور المؤتمر للتحديات والتهديدات التي تهدد الوجود الاسلامي في الغرب، وعبرت عن تجارب ثرية في ميدان التفاعل الحضاري والتعاون الثقافي بين المسلمين وسواهم من شركاء الوطن الغربي. ولم تخل المناقشات من سخونة وتوتر في بعض الحالات، نظرا لما تنطوي عليه مواقف الفرقاء من اختلاف خصوصا ازاء بعض القضايا الساخنة التي تعصف بالامة. مع ذلك كان الجميع ينطلق من رغبة حقيقية في استشراف مستقبل العمل الاسلامي المشترك بعد ان تهدأ العواصف المفتعلة وتستقر رمال السياسة العربية المتحركة. كانت المناقشات تعبيرا عن عمق شعور المشاركين باوضاعهم غير المتوازنة ازاء الدول الكبرى ذات الاثر على المنطقة العربية. كان هناك تعدد مذهبي واضح، اضفى على المؤتمر قيمة معنوية نادرة، وعمق الشعور بتفاؤل المشاركين حول مستقبل العمل الاسلامي المشترك خصوصا في فضاءات الحرية وحقوق الانسان والانتماءات الفكرية والايديولوجية.

وفي نهاية المؤتمر اصدر المشاركون التوصيات التالية:

اولا: الاستمرار في عقد هذا المؤتمر سنويا بالاضافة لندوات اقليمية اضافية لتشجيع التواصل بين ابناء الامة وإزالة الحواجز والشكوك والصعوبات الناجمة عن القطيعة

ثانيا: أجمع المجتمعون على ضرورة ترويج مباديء الاسلام الثابتة، ومنها احترام العقل والدعوة الى التفكر وتعميق الابعاد الروحية للدين، والتحلي بالرحمة التي كتبها الله على نفسه (كتب ربكم على نفسه الرحمة).

ثالثا: ان التصدي لحملات تشويه الاسلام تقتضي توحد المسلمين وتعاونهم وتطوير الحوار في ما بينهم، ولا يمكن لامة متصدعة من داخلها ان تذود عن نفسها

رابعا: ان الارشاد والتنوير والنقد الهادف البناء وسائل مهمة لتحسين صورة الاسلام والمسلمين ودحض دعاوى المغرضين. وهذه مسؤولية الجميع خصوصا العلماء والمفكرين والنشطاء.

خامسا: ان غياب الحرية عن بلدان المسلمين من عوامل انتشار التطرف والارهاب. فالاحتقان السياسي الناجم عن الاستبداد ومصادرة الحريات والتعدي على كرامة الانسان، عوامل تدفع الافراد نحو التطرف في التفكير والخروج على المألوف. وحين يفقد الانسان قيمته نتيجة اضطهاد الانظمة، يتساوى لديه الموت والحياة، فيصبح تجنيده للارهاب ميسورا.

سادسا: ان حملات تشويه الاسلام ظاهرة جديدة – قديمة، لا تنفك عن سياسات الدول الغربية تجاه المسلمين وخشية بعض المؤسسات الدينية الغربية من انتشار الاسلام بالمعدلات التي تطرحها وسائل الاعلام. ومواجهتها تستدعي حضورا واسعا في وسائل الاعلام، بالاضافة لمد جسور التواصل مع المؤسسات الدينية بهدف التعاون وتخفيف المخاوف وتعميق الثقة وترويج الروحانية.

سابعا: الاسلاموفوبيا ظاهرة اخرى توازي تشويه الاسلام. ويهدف من يمارسها لبث الرعب من التمدد الديني وتضخيم المعدلات المتوقعة لازدياد اعداد المسلمين في الغرب. ومواجهة الظاهرة تقتضي الحضور الحقيقي للمسلمين في الحياة العامة والتخلي عن عقلية “الغيتو” والاستضعاف واستبدال ذلك بالشعور العميق بالمواطنة والسعي لضمان مزاياها.

ثامنا: اقامة التحالفات مع مؤسسات المجتمع المدني وبناء الجسور مع وسائل الاعلام والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، لكسب تعاطف حقيقي من تلك الاوساط. فمع الاقرار بوجود خطط لاحتواء الاسلام والحد من توسعه، الا ان التعاون مع الجهات المجتمعية الفاعلة من شأنها اعادة تموضع المسلمين الى عمق الوجود الغربي.

تاسعا: توقف المشاركون عند التطورات الاخيرة في المنطقة ولاحظوا توجها عاما نحو حلحلة ملفات التطرف والطائفية. وأهابوا بعلماء المسلمين ممارسة دور اكبر في لم الشمل وتعميق الوعي الشعبي بالاولويات. ودعوا لتهدئة محاور التماس الملتهبة في العراق وسوريا واليمن وليبيا والبحرين.

عاشرا: اهتم المؤتمر  بقضية فلسطين التي يتم تهميشها بشكل ممنهج لابعادها عن دائرة الاهتمام الشعبي. . وتطرقوا للتطورات الاخيرة التي تؤكد إصرار قوات الاحتلال الاسرائيلية على مصادرة المسجد الاقصى كمقدمة لهدمه استكمالا للمشروع الصهيوني. ودعوا الحكومات والشعوب العربية والاسلامية للتحرك العاجل لمنع ذلك، مع الدعوة لرفع الحصار عن اهل غزة، ودعم الشعب الفلسطيني بشكل عملي في نضاله لتحرير ارضه.

 حادي عشر: في عصر التكتولوجيا والمعلومات، يجدر بشباب الامة الاستفادة من ذلك في تعميق قيم التواصل والاخوة والتبادل الثقافي والتمازج الديني، لرفع مستوى الوعي وقطع الطريق على مريدي الفتنة والهادفين لتمزيق الامة.

ثاني عشر: تمنى المؤتمرون استمرار اللقاءات: مؤتمرات وندوات ومحاضرات، لتمتين اواصر الاخوة بين ابناء الامة، وافشال مخططات تمزيق البلدان المسلمة، والتصدي للحملات المعادية للاسلام.

منتدى الوحدة الاسلامية

23 يوليو   2017

مقالات ذات صلة