البيان الختامي لمنتدى الوحدة الاسلامية

ختتم المؤتمر السنوي التاسع لمنتدى الوحدة الاسلامية  المنعقد بفندق “هوليداي ان” في لندن في الفترة 20-22 أيار 2016 وتحت عنوان “الدين،6199077677 الهوية والمواطنة” وشارك في المؤتمر علماء دين ومفكرون واعلاميون من مصر والجزائر والمغرب ولبنان والعراق وايران والبحرين وفرنسا بالاضافة لعدد من العلماء والمفكرين القاطنين في بريطانيا بمستويات عالية من النقاش والتحليل ساهمت في توصيف واقع الامة واقتراح الحلول والتوصيات.

ولقد دأب منتدى الوحدة الاسلامية، منذ تأسيسه قبل تسعة اعوام، على جمع أعلام العلم والفكر والثقافة من ابناء الامة للتحاور والتشاور، ولم يتوقف ذلك برغم المحنة التي فرضت على بلدان العرب والمسلمين، والفتن التي تعصف بشعوبها، وسعي اعدائها لإشغالها بما لا طائل فيه من جدل عقيم ومراء لا يأتي بخير.

وانطلاقا من شعور منظمي المؤتمر بان المفاهيم التي احتواها عنوان المؤتمر تمثل بعض جوانب الاختلاف المثارة لكسر وحدة أمتي العرب والمسلمين، فقد تركزت البحوث على طرح مناقشات وتحليلات مدعومة بالحقائق والوقائع، بهدف توفير ارضية لاستمرار وحدة الامة التي ما فتئت هدفا للتفتيت خلافا للتأكيد القرآني على وحدتها : “ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون”. ولذلك جاءت مداولات المؤتمر ضمن المحاور التالية

ـ دور الدين في ترسيخ القيم الإنسانية.

ـ دور الدين في تحديد هوية المجتمع.

ـ مصادر ومحددات هوية المجتمعات.

ـ التمسك بالهوية وأثره في تحقيق الاستقلال، والتقدم والنهوض.

ـ المواطنة؛ أساس الحقوق والواجبات.

ـ الدين وتعزيز الدور الحضاري والإنساني للمجتمعات.

ـ خطر غياب القيم الدينية والأخلاقية في الحياة الإنسانية.

وبرغم الظروف القاسية التي تمر بها الامة، فقد توافق المشاركون على تعدد اعراقهم ومذاهبهم، على الرغبة في العمل المشترك من اجل احلال العدل في هذا العالم الذي يسوده الظلم والفساد. وبعد مداولات تواصلت عبر ايام ثلاثة، اصدر المؤتمرون التوصيات التالية:

اولا: ان رسالة الدين تدعو للايمان والوحدة والتآخي والاخلاق، وما لا ينسجم مع هذه القيم انما هو بسبب اجتهادات ناجمة عن جهل او عصبية، لا تنسجم مع روح القرآن الكريم وسيرة نبيه محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام.

وعليه فمن الضرورة التأكيد على نقاء الدين وسمو رسالته، وتشجيع علماء الدين وفقهائه على مضاعفة الجهود لتوضيح تلك القيم والتواصل في ما بينهم لحفظ وحدة المسلمين ومد جسور التفاهم مع الآخرين من غير المسلمين.

ثانيا: أن الاسلام دين الهي للإنسانية كافة خاطبت آياته الكريمة كافة بني البشر، واعلن رسوله الكريم انه “اني رسول الله اليكم جميعا”.

فمن الضرورة بمكان تأكيد عالمية الاسلام وانسانيته وانسجام تشريعاته مع ما هو خير من اجتهادات البشر. كما يؤكدون على رفض ما ينسب للاسلام مما لا ينسجم مع القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة بالطرق الشرعية.

ثالثا: ان الاسلام ركن اساس من هوية الامة، ولانه يؤكد على وحدة رسالات الانبياء المنحدرة من سيدنا ابراهيم عليه السلام، فانه يدعو للتعايش السلمي والاحترام في ما بين المسلمين، وبينهم وغيرهم من ذوي الاديان والاجناس المختلفة.

رابعا: ان الافكار التكفيرية والاقصائية والاستئصالية لا تنسجم مع الفهم الإسلامي الصحيح، روحا او نصا، ولا يجوز ترويج ثقافتها او السكوت عليها، فالناس سواسية امام الله، والشرع لا يفرق بين الناس الا على اساس التقوى “ان اكرمكم عند الله اتقاكم”. والمطلوب ترويج ثقافة التعايش السلمي والحوار الهادف والتعاون من اجل خير الاوطان وسلمها وحرية شعوبها.

خامسا: ان تمزيق امة المسلمين تناقض روح الاسلام وتعارض رسالة القرآن والوحي الالهي الذي يؤكد وحدة امة المسلمين: “ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون”. ويهيب المشاركون بعلماء الدين والمفكرين ورجال الرأي من كافة مذاهب المسلمين ترويج الفكر الوحدوي المؤسس على التقوى والعلم والفقه، ورفض دعوات التمزيق والتفريق مما يؤدي لكسر شوكة المسلمين، ويسلط الطغاة عليهم بدون رحمة أو انسانية.

سادسا: في زمن الخواء الروحي والغربة النفسية وترويج القيم الشيطانية يهيب المؤتمرون بالعقلاء تركيز قيم الانتماء للدين من جهة، والعمل الايجابي من اجل حرية  الشعوب واحترام هويتها والاعتراف بالمواطنة المتساوية، وعدم التمييز بين المواطنين على اساس العرق او الدين او المذهب.

فالامم المتحضرة انما تقوى بتعددية ثقافات شعوبها وانصهار الجميع في بوتقة الوطن، انتماء وحبا وشعورا.

سابعا: تأكيد قوة الدين من خلال تعدد اجتهادات علمائه ومفكريه، ويبعث المشاركون رسالة من القلب لدور العلم واهل الفقه والقائمين على أمر الحكم ليقوم كل بدوره ضمن منظومة انسانية تسترشد بالدين وتحترم الانسان وتعترف بحقوق المواطنة وتحافظ على الهوية، والتخلي عن عقلية الإقصاء وانماط الاستبداد وسياسات التهميش والتمييز بين ابناء الوطن الواحد.

ثامنا: ان المسلمين امة واحدة، تزداد ثراء بتعدد اجتهادات علمائها ومفكريها ضمن الحدود المشروعة. ويدعو المؤتمرون لاعادة دور العقل ليحقق فهما صحيحا للدين ومقاصده، وليشجع الشباب على تفعيله لحمايتهم من السقوط باحضان الجهل والتطرف، من خلال الاجتهاد المستوفي لشرائطة الشرعية، وتشجيع التواصل بين العلماء والشباب، وملء الفراغ الفكري والفقهي والحركي لسد الثغرات التي ينفذ منها دعاة التطرف والتكفير والعنف والاستبداد.

تاسعا: يحث المؤتمرون المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني لتوسيع دوائر الحوار والتفاهم والتفاعل الفكري والايديولوجي، ويحذرون من وقوع الاجيال الشابة في شباك اعداء الامة الذين يدعمون الاستبداد من جهة، ويشجعون التطرف من جهة اخرى، ويزينون لابناء الامة رفض الدين كمنظومة عقيدية وقيمية واخلاقية.

عاشرا: يؤكد المؤتمرون على بقاء فلسطين بوصلة الصراع مع المشروع الصهيوني والقضية الاساس لامتنا، وعليها اجماع الامة. واكدوا دعمهم لحركات المقاومة، داعين جماهير الأمة وفعالياتها لتوفير الدعم لها حتى التحرير الكامل

حادي عشر: يدعو المشاركون لصحوة ايمانية جديدة تعيد للتدين بريقه، وحركة فكرية منضبطة تحرك كوامن الفكر وتروج الثقافة الايجابية الملتزمة، وحراكات مجتمعية تهدم جدران العزل والاقصاء بين الشعوب، وتبني جسور التواصل بين المكونات المجتمعية، ووعي جماعي بضرورة احتضان الاختلاف في العرق والدين والمذهب والفكر والانتماء الايديولوجي. فتلك مقومات الامة الناهضة التي تجمع ولا تفرق وتتقدم ولا تتراجع، وتحمي مواطنيها ولا تقمع، وتوسع آفاق الفكر ولا تضيقها.

(ان كافة الآراء الواردة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع)

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة